المقدمة
الإمام علي عليه السّلام هو أول انسان من هذه الأمة خاض غمار البحث عن المعارف الإلهية وبرهن عليها بما يمليه عليه الفكر العظيم الذي يحمل، وسنرى من خلال البحث أن المسائل التي طرحها عليه السّلام لم يتمكن أحد من الفلاسفة الذين جاءوا بعد زمانه من الإتيان بجزء مما جاء به، فضلا من محاولة نقضه وإبطاله.
والإمام عليه السّلام لم يكن ليخوض في أبحاث المعارف الإلهية لو لم تدعه متطلبات عصره الى ذلك. فالمسلمون في عهد النبي كانوا حديثي عهد بالإسلام، وعبادة الأصنام لم تكن بعيدة العهد منهم، ومن كان يعبد الحجر لا يستفسر عن ذات الله وصفاته، ولا يهتم بتنزيهه مما يجب تنزيهه عنه. كما كانوا يعتقدون أيضا بأن الاسلام معناه التسليم، اي التسليم بما جاء به الوحي على لسان النبي الأعظم صلى الله عليه واله، فلم يكن لهم أن يناقشوا بما يجيئهم به، كما أن النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم كان ينهى عن الخوض في مثل هذه المسائل إذا ما خطرت على بال أحدهم وذلك لكي ينصرفوا الى العبادة والجهاد في سبيل الله، مع ما يؤدي اليه الخوض في هذه المسائل من تفرقة وشقاق لا طائل تحته، كما حدث فعلا فيما بعد، حيث أريقت دماء المسلمين في عهد العباسيين نتيجة الخلاف حول قدم كلام الله وحدوثه.